من أشهر الفنانين الذين أثارت لوحاتهم جدلاً كبيراً لقدرته على انتقاد مجتمعه بطريق غير مباشر الفنان الفرنسي (إدجار دوجا)، وخلافاً لما يعتقده الكثير من معجبيه فإنه في الحقيقة لم يرسم راقصات الباليه الصغيرات في لوحاته كثيراً لأنه أُعجب برقتهن، ولكن لأنه أراد التعبير عن انتقاده للمجتمع الباريسي آنذاك الذي استغل فيه رجال الطبقة الراقية مسارح الأوبرا للبحث عن فتيات صغيرات في سن 15 ليشبعن ميولهم المنحرفة.
http://files.fonon.net/uploads/images/fonon.net-bade60daf4.jpgإدجار دوجا، صف الرقص، 1875م، 85×75سم، متحف أورساي/باريس
إن لوحة (صف الرقص) شاهد من شواهد دوجا الكثيرة على هذا الأمر، حيث صوّر بالألوان الزيتية أحد صفوف تعليم الباليه بتقنية خاصة لمزج الألوان جعلتها تبدو كالباستيل الطبشوري، كما يظهر في ثياب الفتيات البيضاء خاصة أجزاءها السفلي. وقد توسط الصف أستاذ عجوز يبدي ملاحظاته لإحدى الطالبات في صف يعج بالمتدربات. إن دوجا حين اختار رسم الراقصات إنما أراد أن يركز على ما ارتبط بهذه المهنة في ذلك الوقت من سمعة مشينة لما كان يجري في كواليس أوبرا باريس أثناء التدريب من لقاءات سرية بين الراقصات الفقيرات وبين عدد من الرجال الموسرين مقابل مبالغ مالية، إلى حد أن أمهاتهن في كثير من الأحيان كنّ هنّ من يعقدن الصفقة ويدفعن صغيراتهن إلى الغواية وهو أمر كرهه دوجا ولكنه لم يستطع التعبير عنه صراحة خوفاً من نفوذ أولئك الرجال. لذا صوّر الأمهات في أقصى الخلفية إلى اليمين ليتساءل عن حقيقة حضورهن فهل هي لحماية بناتهن كما يتظاهرن أم لحرصهن على الحصول على أفضل صفقة وتدبير لقاء مقابل أكبر مبلغ من المال يمكن الحصول عليه؟ في حين صوّر كل فتاة وهي تقوم بأمر ما أشغلها عن الصف، فهن في الحقيقة غير مهتمات بالتدريب وإنما يحضرن لأسباب أخرى.