بين مطالبات بـ اسقاط الفساد وأخرى بـإسقاط النظام...
تساؤلات عن حقيقة ما يجري في كواليس تظاهرة بغداد
متظاهرات في مسيرة سابقة يطالبن بالاصلاح في العراق
تجري الاستعدادات على قدم وساق في العراق من اجل انجاح تظاهرة يوم الغضب التي تنطلق يوم الجمعة. وبين مطالبات البعض بـ "اسقاط الفساد" ومطالبات البعض الاخر بـ"إسقاط النظام" يطرح السؤال حول حقيقة ما يجري في الكواليس. فهل إختلفت مصالح الكبار فحركوا الصغار أم أن واشنطن وراءها؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
إكتملت الاستعدادات في بغداد لاقامة أكبر تظاهرة احتجاجية تم الحشد لها منذ نحو ثلاثة اسابيع ليكون موعدها يوم غد الجمعة وعلى الرغم من ان قطاعات واسعة تسعى الى المشاركة فيها، الا ان الشعارات باتت مختلفة كما ان اغلب الجهات التي تدعو اليها متباينة في نهجها، فهناك جهات ظهرت للمرة الاولى على السطح، بالاضافة الى ان الريب بات مسيطرا على حقيقة ما يحدث على ارض الواقع اذ ان الشائعات بدأت تكبر مع دخول جهات معادية للعملية السياسية من اجل اسقاط النظام واراقة الدماء وهو ما يذهب اليه البعض على انه ضد الغرض الحقيقي لاقامة التظاهرة والذي هو "اسقاط الفساد" وهو الشعار الذي ينادي به الكثيرون في محاولة منهم للرد على الذين يريدون "إسقاط النظام".
ومع اقتراب موعد التظاهرة فإن العديد من المواقف ظهرت لتعلن بشكل صريح تخوفاتها وتبرز تحذيراتها، فبعد يومين من ترحيب المرجعية الدينية، فقد أعلنت عن قلقها من خروج التظاهرات المرتقبة يوم الجمعة عن السيطرة وتسلل من أسمتهم بـ"ذوي المآرب والأجندات الخاصة" إليها، وقال مصدر مقرب من السيد علي السيستاني ، إن المرجعية الدينية تخشى استغلال التظاهرات من قبل عناصر لها مآرب أخرى لا تحسن التصرف وتتعدى على الممتلكات العامة والمؤسسات الحكومية وتثير أعمال الشغب كما حصل في بعض المناطق التي خرجت فيها التظاهرات عن السيطرة.
وقال وزير الدولة للمصالحة الوطنية عامر الخزاعي إن الداعين إلى تظاهرة الجمعة هم الذين لا يريدون استمرار الديمقراطية في العراق، مبيناً أن البعثيين هم الذين سيقودون التظاهرة، وأن هناك جماعة من خارج العراق تحركها، مؤكدا أن "الذين يقودون تظاهرة الخامس والعشرين من هذا الشهر هم من لا يريدون الديمقراطية في العراق وهم يحاولون استغلال أي ثغرة للدخول منها"، وقال الخزاعي: إن البيان الذي صدر عن قادة التظاهرة يظهر أنهم من حزب البعث المنحل الذي يحاول إثبات وجوده، منوهاً إلى أن هؤلاء يشبهون مظاهرات يوم 25 بعروس الثورات، في إشارة إلى انقلاب شباط عام 1963 الذي أسقط حكم عبد الكريم قاسم، وأدى إلى قتل آلالاف من العراقيين.
وتأتي هذه المواقف مع بيانات لحزب البعث المنحل تزامنت مع نشر قصيدة تحريضية للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد بعنوان (عصَفـَتْ فأوقـِدْ أيـُّهـا الغضَبُ) يقول فيها:
أوقـِـدْ ، وَكـُـلُّ دمائـِنــا حـَطـَـبُ
عـَصَفـَتْ ، فـَأوقـِدْ أيـُّها الغـَضـَبُ
أوقـِـدْ ، وأحـْر ِقْ كـُـلَّ شـائـِبـَة ٍ
فـيـنـا لـِيـَبـقى الخـالـِصُ الـذ َّهـَبُ
يـَبـقى الـعـراقـيُّـون .. لا دَنـَسٌ
في أرضِهـِم .. وأرا ذِ لٌ جـُـنـُـبُ
يـَتــَحَـكـَّمونَ بـِهـِم، وَيـَحـكـُمُهـُم
في أرضِهـِم فـُرْسٌ ، وهـُم عـَرَبُ !
كما ان العديد وجدوا في فايسبوك ساحة للتحريض وابداء ما في نفوسهم، ومن ذلك هذا الكلام (اخوان لاتخافون يحفظكم الله كافي سكوت الكل ينزل للشارع ويطالب بأسقاط هذي الحكومه الفاشله اللي دمرت النفس العراقيه واطلاق سراح المعتقلين كافي عاد العراقي يضل يطبق قاعده اني شعليا واني معليا كافي جبن وين الرجال وين الزلم شوفو الشعوب شوفو تونس ومصر والجزائر واليمن شوفو ليبيا استلمهم القذافي بالطيارات قصف وزادوا المتظاهرين ماقلوا، لكم الله يا صداميين يا احرار ... كل من لم يشارك في القادسية و ام المعارك و معركة المطار و كل من شارك ... هذه هي فرصتكم اتت مرة اخرى ... لتكن معركة ساحة الفردوس يوم 25فبراير مفخرة لكم كما كانت سابقاتها .... و لتكن معركة في كل ميادين العراق) .
وهذا ما جعل الكثيرين ينتبهون الى الجهات التي وراء التحريض على التظاهرة وان كانت بلا وجوه، حيث ان هذه الجهات بدأت بتوجيه نداءات مثل هذا ( نداء نداء نداء ... الى جميع اخواننا العراقين/ يوم الجمعة هذا يوم العراقيين ولكن احذروا من موضوع مهم ان الحكومة العراقية لديها سلاح خفي وهو اسم الارهاب فتوقعوا كل شيء منهم اياكم من السيارات المفخخة لانها سلاح الحكومة العراقية وتوخوا الحذر من الميليشيات الحكومية ونرجو من الجميع المتظاهرين المسلمين والمسيحين ان يحملوا القران الكريم والص...ليب في ايديهم لانه سوف يحميكم ودائما دعوا الاعلاميين قريبين عليكم حتى لاتضيع حقوقكم وراسلوا القنوات الفضائية التي وقفت مع الشعوب فانها تستقبل كل شيء حتى الصور التي تاخذونها في تلفوناتكم الخاصة وارسلوا الاخبار لهم اول باول).
فالكاتب احمد هاتف الذي اطلق على مجموعته الاحتجاجية "الزرق" وكان متحمسا للتظاهر قال: "الأخوة الزرق .... منذ أيام تتواتر الدعوة الى التظاهر يوم الجمعة وقد عينت ساحة التحرير مكانا لهذا التجمع .. ونحن كما كل المجموعات تلقينا الخبر .. لكنا لم نتلق دعوة واضحة من جهة صريحة ، لها أسم أو عنوان أو (سايد) .. بل كانت الدعوة غامضة وملغزة ومثيرة للشكوك .. لهذا أتصلنا ببقية المجاميع في محاولة لأستطلاع الرأي ووجدنا الأمر ...ذاته ينطبق عليهم ... أي أنهم لم يتلقوا أية أشعار من أي جهة .. وهذا مادعانا الى البحث والتقصي والسؤال .. وتوصلنا الى أن التظاهرة جاءت بدعوة من التيار الصدري / ودعوى من حركة الوفاق الوطني ممثلة بالسيد جمال البطيخ المشرف العام على التظاهرة .. ولأننا ندرك أن هذين الفصيلين لهما الأثر الأكبر في الفساد ، لهما الأثر ألأكبر في التخريب .. ولأنهما شريكان حقيقيان في الحكومة .. قررنا النأي عن المشاركة في التظاهرة .. في بغداد تحديدا .. وقرارانا جاء وفقا لمعطيات حقيقية وأدلة واضحة ، أذ أننا قلنا منذ البداية أننا لن نسمح لأي أحد بتسيس المظاهرات والحراك الشعبي وأننا لن نسمح ولن ننساق لأحد .. بل سنواصل العمل على التظاهر السلمي بدعوى التغيير .. لذا قررنا أن تكون مظاهرة الزرق والمجموعات العراقية الخيرة في شارع المتنبي .... أرجو من الجميع الحرص على المشاركه فيها والنأي عن الذهاب الى ساحة التحرير كي لاتستغل الحركة الوطنية وتجير لأشخاص او حركات سياسية كانت السبب المباشر في هذا البلاء الذي يعيشه الشعب الآن ... محبتي وتقديري للجميع وأنا بأنتظار الأراء والنصائح والمقترحات) .
اما الشاعر والاعلامي حميد قاسم فقال :قد اتفهم موقف بعض من يصرخ حماسة بمنتهى الانفعال والعاطفة وربما التطرف وربما اعذره..شرط ان يكون هنا بيننا، اما من يزايد علينا وهو خارج حدود الجحيم..عذرا..لامكان له ولاحق له ان يصم آذاننا..ليس مصادفة ان اجد كل من ينادي بشعارات متطرفة نزقة لاعقلانية ولامنطقية هم من يقيمون خارج العراق..واتحدى من يقول لي عكس ذلك واستثني (المخانيث) الذين يتسترون بأسماء وهمية وشخصيات مزيفة مثلهم .
واضاف: الآن وانتم تجتمعون على حب العراق واهله نتمنى لكم السلامة مع تحقيق مطاليبكم المشروعة في حياة حرة كريمة في وطنكم الحبيب العراق، في الوقت ذاته كلنا ثقة بانكم لن تنساقوا مع الشعارات الفتاكة التي تتبناها قوى الظلام القابعة خلف الحدود والتي تجد في يومكم الاغر (25) من شباط في الجمعة القادمة فرصة للنفاد الى صدوركم العامرة بالايمان بسمومهم، بعد ان عجزت مفخخاتهم واحزمتهم الناسفة عن تعطيل عجلة تقدمكم نحو الحرية وممارسة الحق الدستوري من خلال التظاهر باسلوب ديمقراطي وسلمي، فقد وجدنا ان الاصوات التي تنادي بالتمرد وتدعوا الى الفتنة جميعها من الذين يقتاتون على فتات موائد الحاقدين على شعبنا العظيم، فاحذروا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم، ولتكن شعاراتنا نابعة من المطالبة بحقوقنا والقضاء على منابع الفساد، مع دعائنا لكم بالسلامة والامان وتحقيق الاهداف الشريفة.
من جانبه قال الاعلامي علي الخالدي: "حزب البعث المنحل يعد يوم 25 هي الورقة الاهم لتنفيذ كل اجندات التخريب والدمار لعراق قالوا بانهم سيتركوه ترابا وبالطبع نماذجهم هي الاكثر مساندة لاهداف مريئة في قناتي الرافدين للضاري والراي لمشعان" .
بدورها، استطلعت ايلاف رأي الكاتب والمحلل السياسي والتدريسي في الجامعة المستنصرية الدكتور محمد بديوي الشمري حول نظرته للتظاهرات فقال: ينقسم القائمون على التحضير للتظاهرة المقبلة والتظاهرات التي سبقتها الى ثلاث فئات الاولى هي مزيج من شباب ومثقفين متحمسين لا تخفى تأثيرات الانتفاضة الشرق اوسطية عليهم، خاصة وان في العراق ما يدفع باتجاه الاحتجاجات ضد السلطة الحالية من حيث استشراء الفساد الذي يكاد يعطل اداء الدولة وصعود مسؤولين غير اكفاء وغير مؤهلين حتى انسانيا لتبوؤ مناصب عامة عالية بسبب نظام المحاصصة المقيت..هؤلاء الشباب يطمحون الى تكريس هامش الحرية الموجود الان واشعار السلطة بان الزمن لن يعود الى الوراء في العراق، وان العراقيين لن يسمحوا بولادة دكتاتورية جديدة مهما كانت المسوغات والشعارات المرفوعة ..يعاب على هذه الفئة عدم امتلاكهم لخطاب ناضج وواضح رغم ما ان صفوفهم مدججة بالكتاب والمثقفين ، وتتكون الفئة الثانية من اتباع بعض الاحزاب المنخرطة بالسلطة التي دخلت الحكومة الحالية على مضض بعد ان عرقلت عملية تشكيلها اكثر من ثمانية اشهر وهذه الفئة هي الاكثر فاعلية وتنظيما وهي التي تقف غالبا وراء الاحتجاجات التي وقعت والتي ستقع في المدن الجنوبية ،اما الفئة الثالثة فتتكون من بقايا النظام السابق وبعض الرافضين للعملية السياسية الراهنة لاسباب سياسية وطائفية الذين يحرضون ويدعمون من داخل العراق خارجه من دون ان يظهروا بالصورة ..هؤلاء يحاولون ركوب موجة الاحتجاجات لاحراج السلطة واعادة الفوضى الى الشارع العراقي لخلط الاوراق من اجل الحصول على بعض النتائج المخطط لها.
وأضاف: على أية حال التظاهرات علامة عافية واعتقد ان النظام السياسي في العراق بما يستند عليه من تمثيل شعبي واسع يستطيع استيعاب هذا الشكل من الاحتجاجات بطرق شرعية وسيستجيب لها بحدود معينة.
اما الكاتب والاعلامي ماهر فيصل فقال: "كل التظاهرات في الوطن العربي مفتعلة ما عدا تونس ووراءها ايد خفية ، وراءها الاميركيون ، مشكلتنا ان المواطن مسكين تخدعه الاحزاب ، المسألة مسألة نفط ، واتجاه لزيدة اسعار النفط عالميا، نحن نسمع ان السعر يرتفع يوميا ، قبل احتلال العراق كان سعر برميل النفط 17 دولار ، بعد الاحتلال بدأ يصعد الى ان وصل الى 175 دولارا للبرميل ، وهذه الارباح الكبيرة التي جناها اصحاب الشركات المستثمرة عند العرب عملوا ازمة مالية ، فانهارت شخصيات مالية كبيرة وبنوك ، الان ينبغي تعويض الازمة المالية ، أميركا التي عملت زلزال هاييتي ودمرت جزيرة بكاملها للتجربة الا يمكنها ان تدمر الوطن العربي. فالاميركي ان لم تكن هنالك مبالغ تأتيه من الخارج وان لم تكن هنالك ازمات لا يأكل، فيسقط النظام الديمقراطي ، هم يريدون النظام الديمقراطي ان يبقى ، انا شخصيا بت احترم أي دكتاتور في العالم !!".
واضاف "لن اشارك في تظاهرات بغداد 25 فبراير، لانها مسيسة ولان من يقف وراءها اشخاص بالعبارة الصريحة (سيؤون) ، هم من ضمن العملية السياسية ويحركون الان ضدها. أين كان هؤلاء المتظاهرون خلال الاشهر الثمانية قبل تشكيل الحكومة ، دخل العراق في ازمة استمرت لثمانية اشهر من اجل من يكون رئيس الحكومة ، اين كان المتظاهرون ؟. متظاهرو مدينة الناصرية الذين احتجوا على مجلس المحافظة أليس هم الذين باعوا اصواتهم بخمسة دولارات وهذه معروفة عنهم ، وفي الانبار الان يصرخون، فمن انتخب مجلس المحافظة والمحافظ اذ؟ أليس هم انفسهم ؟ ، لماذا يكذبون ، اختلفت مصالح الكبار فحركوا الصغار ، انا اخاف على بلدي ، قطرة الدم التي تسيل عندي أهم من رئيس الوزراء ورئيس أي حزب اخر".