يختلف مفهوم السعادة من انسان الى آخر وخاصة بين الرجل والمرأة ففي حين نرى أشياء تفرح المرأة نرى نفس الأشياء لا تحرك مشاعر السعادة لدى الرجل. لكن السؤال بغض النظر عن مفهوم السعادة لدى الجنسين فأي منهما يصنف أكثر سعادة؟
كشقت دراسة ضمت أربعة وسبعين ألف شخص تم الاشراف عليها من قبل المتخصصان في علم النفس سام بلاكنول من جامعة كامبريدج وريتشارد ايسترلين من جامعة جنوب كاليفورنيا، أن سعادة المرء مرتبطة بشكل كبير بتحقيق طموحاته.
كما وأوضحت هذه الدراسة أن شعور المرأة بالسعادة يفوق شعور الرجل ويسبقه، ويستمر هذا التفوق حتى منتصف الأربعينات تقريباً، حيث يأخذ الرجل زمام المبادرة والتفوق والشعور بأنه أكثر سعادة من المرأة لأن شعورها بعدم تحقيق كل أو معظم أحلامها وطموحاتها بعد بلوغها الأربعين أو الخامسة والأربعين، يجعلها أقل سعادة من الرجل، مع أنها بدأت مشوار السعادة قبله بسنوات كثيرة، لكن وهج سعادتها بدأ يخبو مع الأيام.
وفي نفس الوقت نرى الرجل في العشرينات والثلاثينات من العمرمشغولاً في تكوين نفسه من حيث العلم والدراسة أو اكتساب الخبرة في مهنة ما. أما المرأة فتبدأ التفكير بالزواج والارتباط ومرحلة الأحلام الوردية حتى ولو كانت مشغولة في الدراسة والتحصيل العلمي واكتساب الخبرة العلمية والعملية.
وبالنسبة للمرأة، فشعورها بالسعادة يبدأ مبكراً، ما لم تكتشف أنها فشلت في العثور على الزوج المناسب، أو بعد تجربة عاطفية فاشلة.. ويظل هذا الشعور يرافقها لسنوات طويلة حتى ولو أنكرته أو حاولت تجاهله. في حين أن الرجل العازب لا يشعر بالتعاسة إذا لم يعثر على نصفه الثاني، بل يمكنه أن يشغل نفسه بالكثير من أشياء الحياة.
ومن الأمور التي كشفتها الدراسة وتعيد الأمل للجنس البشري بالرغم من ارتفاع حالات الطلاق أن 90% من الرجال والنساء غير المتزوجين ما زلن يحلمن بالزواج السعيد.
وتقول الدراسة إن الإحساس بوطأة العزوبية وعدم العثور على النصف الثاني يختلف بين الرجل والمرأة. فالمرأة تعتبر الزواج هدفاً لا بد من تحقيقه لاقتناص السعادة وبدء أسرة وأطفال، أما الرجل فيعتبر العزوبية فرصة لمزيد من الاستمتاع بالحياة، وأن قطار الزواج لا بد قادم ولو طال الزمن!
وما يزيد في الشعور بوطأة العزوبية لدى المرأة هو شعورها بالظلم والتمييز في نظرة المجتمع للمرأة التي تجاوزت السادسة والعشرين ولا تزال دون زواج على اعتبار أنها عانس، في حين أن هذا المجتمع ينظر إلى الرجل الذي دق أبواب الخامسة والثلاثين ولا يزال دون زواج على أنه في عز الشباب.
ثمة شعور آخر بالظلم، فالمجتمع ينظر إلى المرأة غير المتزوجة على أنها لم تجد الرجل الذي يقبل بها، في حين ينظر إلى الرجل الأعزب على أنه لم يجد المرأة التي تناسبه ويقبل بها، أي أن القبول والرضا دائماً من حق الرجل.
ولاحظت الدراسة وفقاً للأرقام الرسمية أنه بعد سن الرابعة والثلاثين، فإن نسبة الرجال المتزوجين أعلى من نسبة النساء المتزوجات، وأن هذا الفارق يزداد مع التقدم بالعمر.
وتقول الدراسة إن الزواج ليس شرطاً للسعادة، لكن في حال كنا نرغب في الزواج، ولم نوفق في العثور على الشريك المناسب، أو ارتبطنا بالشخص غير المناسب، فهنا تكون النتيجة السلبية مضاعفة وتنعكس حتماً على إحساسنا بالسعادة.
وبالنسبة للطموحات المالية،فأحلام الرجل في هذا المجال لا حدود لها فهو يريد امتلاك كل شيء، ومع ذلك فالأحلام شيء وتحقيقها شيء آخر مختلف تماماً. لكن الرجل يستطيع في أحيان كثيرة تحقيق بعض أحلامه تلك. وقد تستغرق الرحلة أكثر من عشرين سنة قبل أن تستقر أوضاعه المالية وتحقق له الشعور بالرضا والاكتفاء حتى لو لم يكن يمتلك رصيداً محترماً في البنك.
وتفصل الدراسة مراحل الشعور بالسعادة على النحو التالي:
في سن الحادية والأربعين: يبدأ شعور الرجل بالرضا عن أوضاعه المالية في التفوق على شعور المرأة تجاه أوضاعها المالية.
في سن الثامنة والأربعين: يبدأ الرجل الشعور بالرضا عن حياته بشكل عام بصورة أكثر من شعور المرأة.
في سن الرابعة والستين: يبدو الفارق كبيراً بين شعور كل من الرجل والمرأة بالرضا عن أوضاع الأسرة، فالرجل أكثر رضا وسعادة في هذا المجال أيضاً.
وبمقارنة نتائج هذه الدراسة مع دراسة مشابهة أجريت قبل سنوات يتبين أن أبناء الجيل الحالي أقل شعوراً بالسعادة من أبناء الجيل السابق، على الرغم من حصول الجيل الجديد على ما لم يكن يحلم به الذين سبقوهم.
وتختم الدراسة بالقول إن السعادة الزوجية والاكتفاء المالي كفيلان بإضفاء شعور عام من السعادة على الحياة، وأن الرضا يعتمد بدوره على حجم التوقعات، وكلما كانت توقعاتنا في حدود المعقول والإمكانات كانت سعادتنا أكبر حين نحقق واحداً أو أكثر من تلك الطموحات